أول من دار حول الأرض

راود الإنسان القديم حلم الدوران حول الأرض لاكتشاف المناطق المحيطة بها، ولإيجاد إجابات حول أسئلةٍ عديدة كان يطرحها على نفسه، ومنها هل الأرض ممتدة، وهل هناك نهاية أو حدود لهذه الأرض، وهل هناك أراضٍ أخرى تشبه الأرض التي نحيا عليها خلف البحار والمحيطات ؟ وغيرها من الاستفسارات المتكررة.

مع التقدم العلمي والتطور الذي شهدته البشريّة استطاع الإنسان غزو البحار والمحيطات؛ ليكتشف بأن هناك عوالم وقاراتٍ أخرى على سطح الأرض، كما هي رحلة فرناندو ماجلاّن التي قطع بها للمرة الأولى في تاريخ البشريّة منتصف الكرة الأرضيّة، والتي وضع الموت حداً لإكماله لهذه الرحلة، وبعدها كان تطور الفكر الإنساني بتطور العلوم بأنواعها، فحلق في الفضاء ليدور حول الأرض بوساطة مركبةٍ فضائيّة قام بها للمرّة الأولى في التاريخ البشري رائد الفضاء الروسي يوري غاغارين.

ماجلاّن هو رحالة ومستكشف برتغالي، ولد في البرتغال وتحديداً في سبروزا عام ألفٍ وأربعمئةٍ وثمانين للميلاد، ونتيجةً لخدمته للملك الإسباني كارلوس الخامس نال الهويّة الإسبانيّة، حيث قام بالإبحار باتجاه الغرب بحثاً عن جزر الملوك الإندونيسيّة (جزر التوابل).

يُعتبر ماجلاّن قائد أول رحلةٍ طافت الأرض، وذلك بعد رحلته الشهيرة التي تمّت في الفترة الواقعة بين عامي ألفٍ وخمسمئةٍ وتسعة عشر، وألفٍ وخمسمئةٍ واثنين وعشرين للميلاد، قام خلالها بالإبحار في المحيط الأطلسي باتجاه المحيط الهادئ، حيث كان أوّل من عَبَرَ المحيط الهادئ، والذي أسماه البحر الهادئ بعد مروره من المضيق الذي أُطلق عليه اسم ماجلان.

لم يتمكّن ماجلاّن من إتمام رحلته تلك، لأنه لقي مصرعه في معركة ماكتان بالفلبين، بالرغم من هذا فإنه يُعتبر أوّل من دار حول نصف الكرة الأرضية بعد وصوله لشبه جزيرة ملايو.

جاجارين هو رائد فضاء سوفييتي، ولد في السابع والعشرين من شهر آذار عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانية وستين، ويُعتبر رائد الفضاء الروسي هذا أوّل إنسانٍ يتمكن من الدوران حول الكرة الأرضيّة، وذلك في الثاني عشر من شهر نيسان عام ألفٍ وتسعمئةٍ وواحدٍ وستين للميلاد.

ولد جاجارين في كلوشينو القريبة من غزاتسك إلى الغرب من مدينة موسكو عاصمة روسيا، وكان والده فقيراً يعمل نجاراً، أما والدته فكانت من عُشّاق المطالعة، وكان ترتيبه الثالث بين إخوته الأربعة، عانت أسرة غاغارين الكثير إبّان الحرب العالميّةِ الثانية كالكثيرين من العائلات في الاتحاد السوفييتي، خاصةً بعد فقد شقيقيه في تلك الحرب المدمّرة بعد أسرهما من قبل الألمان.

كان أساتذة غاغارين يصفونه بالذّكي والمتفاني بعمله والمجتهد، وقد كان لالتحاق أحد أساتذته وهو أستاذ مادة الرياضيّات بقوّات الجيش الأحمر الجويّة، أثر كبير في نفس يوري غاغارين.

تم اختيار يوري في برنامجٍ تدريبي تابعٍ لمعهد التكنولوجيا التابع لمدينة سيراتوف، وخلال تواجده هناك قام بالالتحاق بنادي الطيران، حيث تدرّب على التحليق بوساطة الطائرات الخفيفة، وبدأ اهتمام يوري يتضاعف بهوايته تلك، حتى أصبح يُتقن جميع فنون الطيران بشكلٍ متميز، وقد شجّعه تميّزه هذا على الالتحاق بالكليّةِ الحربيّة للطيران الواقعة في أورنبيرغ، وبعد إتمامه التدريب على طائرة ميغ-15 عُيِّن في القاعدة الجويّة القريبةِ من حدود النرويج في إقليم (مورمانسك).

أصبح يوري أول رائدٍ للفضاء يتمكّن من رؤية الأرض من الفضاء الخارجي في شهر نيسان في بداية العقد السادس من القرن الماضي، على متن المركبة الفضائيّة الروسيّة فوستوك1، وبهذا أصبح أيضاً أول إنسانٍ يتمكّن من الدوران حول الأرض من الفضاء الخارجي.